د. محمود ابوعميرة يكتب القلوب اوطان لا يسكنها الا اصحابها

تدور بنا الحياة كما تدور عقارب الساعة حول ارقامها لذا يجب علينا ان نحسن الدوران قبل ان نستيقظ فنجد قطار العمر قد مر بنا اخذا معه اجمل ما عشنا.

واذا كان من المستحيل ان نحذف اي صفحة من صفحات حياتنا لانها اصبحت راسخة في وجداننا وذاكرة من حولنا فلنحاول ادخال النقاء على جدرانها وبين سطورها حتى يظل بريقها دليلا على روعتها ' ولنحاول البعد عما يكسيها السواد فيظهر قبح واقعنا فلا ينفعنا ما قدمنا وما اخرنا وما اعلنا وما اسررنا يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم.

ويكمن النقاء الحقيقي في القلب الذي لا يحوي صفحات سوداء ولا يمكن تلويثه مع كل ما يعانيه من سواد في معاملة الغير انقياء.

ففي حياتنا اناس قلوبهم كالشمس الساطعة ترسل لنا اشعتها ودفئها دون ان تنتظر المقابل تلك القلوب الرائعة نتمنى الا تغيب عنا ولا عن حياتنا ' فسلام على نفس طيبة وقلب نقي يعبر عن انسان يشعر باحزان الاخرين ويؤلمه معاناتهم فكأنه هو من يعاني تلك الالام لانه يملك احساسا مرهفا ومشاعر نبيلة وقلبا رائعا' واصحاب تلك القلوب يكفيها من الندى قطرة ومن الحب بسمة ومن الود والحنان لمحة' فلتكن كلماتك جميلة وليكن وجهك بسيطا تكن اقرب الى الله عز وحل والى قلوب الناس.

وفي رحلتنا مع الحياة قد نضطر للتعامل مع اناس غير متشابهين فمنهم من يحمل مظهرا انيقا ويخفي بداخله قلبا خبيثا مليئا بالحقد والكراهية وهذا النوع من البشر يخسر كل شيئ ولن يشعر بطعم السعادة مهما طال عمره.

ومنهم من يحمل قلبا نقيا يجعل كل من حوله سعداء وهذا الصنف من البشر ولو لم يكن حظه كبيرا من الدنيا الا انه من الفائزين في الاخرة لان الاخرة وما فيها من سعادة ابديه للانقياء فقط.

فالنفوس الطيبة والقلوب النقية من صفات اهل الجنة ولن يدخلها الا هم فلتكن صافي القلب نقي الروح لتنال السعادة الكاملة.

وفي زمن القلوب الملونة تظل القلوب البيضاء لا تعرف الظن السيئ ولا تعرف الخيانة ولا يذيقون من سواهم مرارة الغدر بل يبداون حياتهم بنقاء وينتهون بوفاء وتلك روعة الانسان.

واصحاب تلك القلوب لديهم قدرة على التسامح والعطاء بلا مقابل وهذا ما جعل الحنين يسرق جزءا من اعمارهم فيجعلهم يحلقون بجمال قلوبهم وصفاء نفوسهم ليسهمون في بناء مدن السعادة لمن حولهم فيسارعون في ترميم انكسار قلوب الاخرين وهذا ما جعل ارواحهم لا تهرم ابدا وجعلنا نقرا في عيونهم كل ما في اعماقهم من جمال.

فلنعلم ان أغلى شيئ يرفع من قيمة الانسان عند الله سبحانه وتعالى ويزيد من مكانته في نفوس البشر هو صفاء السريرة وطهارة القلب الذي يجعل صاحبه يكسب رهان الحياة والزمن. و لنعلم انه بصفاء القلوب نكون اقرب الى الانبياء عليهم الصلاة والسلام الذين ارسلهم الله ليكونوا لنا مثلا اعلى وقدوة في العيش والحياة فالسماء لن تفتح ابوابها على مصرعيها الا لمن طهر قلبه وصلحت نفسه وسمت روحه الى عالم الانقياء كي يعيش السعادة الابدية مع من هم على شاكلته في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

ومن يملكون صفاء النفس ونقاء القلب يستطيعون التربع على عرش القلوب ويدخلون اليها دون استئذان فتتسع القلوب لهم وبهم في اي وقت لانهم هم سكان القلوب الاصليون ' ولله دره امير الشعراء احمد شوقي حينما قال:

كل دار احق بالاهل الا في خبيث من المذاهب رجس.

فكونوا انقياء النفس والسريرة حتى تستحقوا ان تكونوا سكان القلوب الاصليون