أورنيلا سكر تكتب: غزة و تفسير الرواية الاستعمارية وأهدافها

بنيامين نتنياهو قال في تصريح سابق يميز فيه بين جرائم اليهود وأعمال الفلسطينيين معتبراً أن ما يقوم به اليهود هو حق الدفاع عن النفس لأن العرب كما يقول هم حيوانات بشرية لا تفهم إلا بلغة القوة .
وفي مقابلة أجرتها قناة ABC الأمريكية مع نتنياهو مستشهدا ً بإصحاح اشعيا حول العماليق مذكرا بأن أعداء إسرائيل الأبديين هم العرب والفلسطينيين "الَّذي يُعْطِي الرَّبُّ إِلهُهم نَصِيبًا لِكَيْ يمحُو ذِكْرَ عَمَالِيقَ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ".
وفي سياق متصل يصرح كل من قادة إسرائيل عبر قناة العبرية التاسعة عشر بأن مجازر وجرائم إسرائيل لا تشفي غليلهم وبأن أعداد الضحايا الفلسطينيين ينبغي أن تزيد إلى أكثر من ٣٠ ألفا.
وقد شرح نتنياهو أسباب ذلك عبر قناة فوكس نيوز حين أشار إلى ما يقوم به من أعمال عنفية تهدف إلى الدفاع عن النفس وبهدف تقاسم المجد والإرث الاستعماري والاستعلاء العنصري الغربي كإرث إمبريالي وإمبراطوري في إذلال واحتقار الأعراق الأخرى التي لا تنتمي إليهم باعتبار أن الإسرائليين هم الحضارة والشعوب المتفوقة وهذا ما أكده جول فيري على سبيل المثال في البرلمان الفرنسي عام ١٨٨٥ أن حق الأعراق الأعلى أن تهتم بالأعراق الأدنى وعلى الأمم الأوروبية الكبرى أن تلتزم بشرف هذا الواجب الحضاري. وفي موضع آخر يقول اتيان لامي رئيس فيدرالية المجموعات الكاثوليكية عام ١٩٠٠ هذا ليس انتصار حضارة على أخرى، بل هو انتصار للضرورة على الحضارة .
أن توصيف نتنياهو الفلسطينيين الغزاويين بالحيوانات لا يأتي صدفة إنما هي عملية مواضبة تتوارث العقلية الامبرالية والاستعلائلية والعنصرية للتذكير بما هو أعظم أم اسرائيل تقول للغرب انا لست شيئ أمام إرثكم التاريخي الإمبراطوري بمعنى آخر هو توارث سياسة الاستعمار والإبادة بحق الشعوب المحلية والأصيلة عبر اقتلاعهم من أرضهم وانتهاك ثقافتهم الأصلية وهذا ليس كل شيئ .
فنحن لا ننسى تجربة فرنسا في الجزائر وأفريقيا التي تعرض اليوم رؤؤس جماجم القادة الجزائريين للتفاخر، وأن الجماجم التي تحتفظ بها فرنسا في متحف الوطني في باريس للتفاخر والتي بلغ عدد ٥٣٦ جمجمة لرؤوس قادة المقاومة الذين تفخر الأمة الإسلامية بكفاحهم الوطني ضد المستعمر الفرنسي بحسب المؤرخ الجزائري الانثروبولوجي علي فريد بلقاضي.
ناهيك ، حول إرث الأسبان والبرتغال في أمريكا بشأن الهنود الحمر وانتهاك ثقافتهم الأصيلة عبر حروب الإفادة والتهجين الثقافي والتهجير والاعتداء على الثقافة الأصيلة للهنود الحمر مثل قبائل نافاهو وهوبي وداكوتا وتدمير عاداتهم وإرغام الأطفال على الدخول في مدارس داخلية حيث تم تدريبهم على التبني للثقافة الأمريكية والتحريم على اللغة والثقافة الأصلية لتلك الشعوب والأمر نفسه تكرر في أمريكا اللاتينية وأفريقيا عبر التعبئة والإبادة والتحكم في السكان الأصليين وتدمير هياكل مجتمعاتهم بحيث لم يعودوا يدركوا ويميزيوا ثقافة المستعمر عن الثقافة الأم وهنا نتحدث على سبيل المثال عن تجربة فرنسا والفرانكوفونية مع الجزائريين والأفارقة بشكل خاص إضافة إلى التهميش للثقافة الأمازيغية وهنا أخص بالذكر المغرب وليبيا بشكل خاص .
وبالختام استحضر لكم كتابين قرأتهما يوثقان طبيعة وأهداف تلك الممارسات التي قام بها الأمريكيون بالهنود الحمر وما قامت به بلجيكا مع قبائل أفريقيا:
1491 new revelations of the America's before Colombia by Charles c. Mann:
يستعرض تشارلز مان في هذا الكتاب تأثير الاستعمار الأوروبي على الحضارات الأمريكية قبل وصول كريستوفر كولومبو.
و Empire 's workshop : Latin America , the United States and the rise of the New imperialism by Greg Grandin
يركز جريج جراندين على الدور الامريكي في تشكيل الأحداث في أمريكا اللاتينية وتأثيرها على الثقافات الأصلية.
ولا ننسى أهم كتاب King Leopold's Ghost : A story of Greed , terror and Heroism in colonial Africa by Adam Hochschild.
يتحدث الكتاب عن حكم الملك ليوبولد الثاني للكونغو البلجيكي والفظائع التي حدثت خلال فترة حكمه ، بما في ذلك الانتهاكات الثقافية .

ملاحظة : أنا لست هنا بصدد نشر خطاب الكراهية من أجل استعداء الغرب بل هناك حقائق لا يمكن القفز فوقها وتجاهلها بخاصة أن التاريخ يكرر نفسه بنسخة أكثر دموية وألماً مما سبق .

.................................................
باحثة لبنانية متخصصة في الدراسات الاستشراقية.