الخميس 18 أبريل 2024 09:53 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

أيمن سلامة : قناة السويس ......... مسؤولية الربان و المرشد .

النهار نيوز

قال الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، اليوم الخميس، إن أعمال الإنقاذ البحري نجحت في التعامل باحترافية مع عطل طارئ لماكينات سفينة البضائع XIN HAI TONG 23، وذلك خلال عبورها للقناة ضمن قافلة الجنوب في رحلتها قادمة من السعودية ومتجهة إلى مصر، حيث يجري الآن قطر السفينة للغاطس الخراجي للسويس بواسطة ثلاث قاطرات .

يثير جُنوح الناقلات العملاقة في المجري الملاحي لقناة السويس العديد من التساؤلات القانونية حول اختصاصات ومسؤوليات الأشخاص الذين يديرون العمل، والذين يطلق عليهم أشخاص الملاحة البحرية، مثل عمال السفينة والربان والمرشد في حالات خاصة مثل المرور عبر المضائق والممرات المائية.

يُعدّ الربان المدير الفني للسفينة الذي يعينه المجهز ليتولى قيادة السفينة، ويعتبر من أهم أشخاص الملاحة البحرية لا سيما أن السفينة تقضي معظم وقتها في عرض البحر بعيدا عن مجهزها والسلطة العامة في الدولة.

ويُعّين ربان السفينة من قبل مجهزها سواء أكان هذا المجهز هو مالك السفينة أم مُستأجرها أم المُجَهز المدير في الملكية الشائعة، وليس من قيد على سلطة المجهز في تعيين الربان سوى أن يكون ذلك الربان مؤهلا لقيادة السفينة وحائزا على الشهادات اللازمة لذلك، وليس للربان مهما كانت مدة عقده الحق في فسخ العقد أو إبطاله بمشيئته في أثناء السفر، لكن لِمجهز السفينة الحق في عزل الربان في أي وقت شاء.

ويعتبر الربان القائد الفني للسفينة طوال الرحلة البحرية ولا يتلقى في ممارسته لعمله الفني تعليمات من المجهز، بل يستمد صلاحياته وما يتوجب عليه من القانون، ومن هذه الواجبات الملقاة عليه قانونا أن يقوم بقيادة السفينة بنفسه، وأن يكون على متن السفينة لدى دخولها إلى المرافئ وعند خروجها منها ، وعليه أيضا ألا يغادر السفينة في أثناء السفر أيا كانت الأسباب أو الأخطار إلا بعد موافقة ضباطها، وقد جرى العرف على أن يكون الربان هو آخر من يغادر السفينة عند إصابتها بخطر محدق ، وإذا لم يراع الربان واجباته تلك، عُدّ مسؤولا عن كل الحوادث تجاه من له مصلحة في السفينة، أو في الشحن، ولا يُعفَى من المسؤولية إلا في حالة القوة القاهرة، وعليه إثبات هذه الحالة.

ويتوجب على الربان -إذا طرأت حوادث غير معتادة ألحقت أضرارا أو أذى بالسفينة أو الحمولة أو الأشخاص الموجودين على السفينة- أن يرفع إلى السلطات نفسها تقريرا يبين فيه زمن انطلاقه ومكانه والطريق الذي اتبعه وحالة الطوارئ التي تعرضت لها الرحلة البحرية.

يُسأل الربان تجاه المجهز والغير عن أخطائه الشخصية التي تقع منه في ممارسته صلاحياته، وهكذا فإن كل خطأ منه في تنفيذ التزاماته العقدية يُعَرضه لمسؤولية التعويض على المجهز عن نتائج هذا الخطأ، كأن تصطدم السفينة بسفينة أخرى بخطأ منه ، ويسأل الربان تجاه الغير عن أخطائه الشخصية وفقا لقواعد المسؤولية التقصيرية، كما يُسأل عن كل هلاك أو ضرر يلحق بالبضائع التي شحنها على سطح السفينة إذا لم يكن حاصلا على موافقة أصحابها أو كانت العادات البحرية لا تجيز ذلك، بيد أنه وإن كان الربان مسؤولا شخصيا تجاه الغير، فقد جرى العمل على أن هذا الغير المتضرر يرجع مباشرة على المجهز، ومتى أوفى المجهز جاز له الرجوع على الربان بما دفع وإن كان ذلك نادرا ما يحصل لعدم مقدرة الأخير المالية، لذلك يكتفي بعزله أو إيقاع العقوبات التأديبية بحقه.

لا مِرية أن ربان السفينة هو رأس السفينة وسيدها الذي يمارس عليها قانونيا وفعليا القيادة والسيطرة، فمهمة قبطان السفينة وشروط ممارسته لمهمته وتعقيد العملية البحرية تجعل من القبطان شخصاً قانونياً يصعب مقارنته بأي شخص آخر.

ويُعد الإرشاد مبدا عاماً للسفن التي ترسو في مرافئ الدول أو تقلع منها أو تنتقل داخل مناطق محددة داخل المياه الداخلية للدولة، وتُعد حالة قناة السويس برهانا ساطعا لمبدأ "إجبارية الإرشاد في حالات محددة"، ويجب أن يفهم التزام ربان السفينة بالإرشاد في هذا المقام علي أساس أنه ملزم بدفع رسوم الإرشاد، وهذا يعني – كمبدأ عام – أن ربان السفينة طالما دفع رسم الإرشاد ليس مجبرا بخدمات المرشد اذا ارتأى في نفسه القدرة علي مواجهة أية مخاطر لدي دخوله أو خروجه من الميناء.

وباستثناء الحالة التي يكون فيها الحادث قد وقع بسبب خطأ شخصي من جانب المرشد، يلزم المجهز بتعويض هذا الأخير عن أي ضرر يصيب سفينة الإرشاد أو المرشد نفسه أثناء مناورات الإرشاد أو ركوب المرشد في السفن أو نزوله منها.

إن وجود المرشد علي ظهر السفينة لا ينزع من الربان اختصاصاته، فالمرشد لا يعدو في الحقيقة أن يكون مستشارا فنيا للربان أثناء قيادته السفينة لدي دخولها الميناء أو خروجها منه، أو كما في حالة القنوات والممرات المائية الضيقة، ومن ثم يظل الربان رغم وجود المرشد محتفظا بقيادة السفينة وإدارتها وتنفيذ المناورات، وله أن يرفض تنفيذ توجيهات المرشد إذا رأى فيها ما يُعرض السفينة للخطر.

كذلك يعتبر الربان مسؤولا عن الأخطاء التي تقع من المرشد أثناء أدائه عمله، وتدليلا علي ذلك تنص المادة 95 من قانون رقم 8 لسنة 1990 بإصدار قانون التجارة البحرية المصري: "على الربّان أن يتولى بنفسه توجيه قيادة السفينة عند دخولها الموانئ أو المراسي أو الأنهار أو خروجها منها أو أثناء اجتياز الممرات البحرية وكذلك في جميع الأحوال التي تعترض الملاحة عقبات خاصة ولو كان الربان ملزما بالاستعانة بمرشد ".

وتنص المادة 298 من ذات القانون على: "تترتب المسؤولية المنصوص عليها في هذا الفصل ولو وقع التصادم بخطأ المرشد ولو كان الإرشاد إجباريا وذلك مع عدم الإخلال بالقواعد العامة في المسؤولية ".

لا مِرية أن قبطان السفينة هو الذي يختار المسار الملاحي، ولكن في حالة قناة السويس فإن مرشدي هيئة قناة السويس هم الذين يرشدون ربابنة السفن أثناء عبورهم في الممر الملاحي لقناة السويس إلى خط المنتصف المحتم السير فيه في عرض قناه السويس، لكن القبطان هو الذي يملك سلطة التقرير النهائي في مثل الكروب التي تتعرض لها السفن أثناء إبحارها، ولقبطان السفينة الحق والسلطة المطلقة في كافة الظروف والأوقات أن يتدخل حين يُقَدر أن توجيهات المرشد الملاحية ستحيق خطرا بالسفينة وما عليها، ويصدر الأوامر المغايرة لتوجيهات عامل الدومان " مُسَيّر السفينة "، فالقاعدة البحرية المتبعة في هذا الصدد أن جميع من على متن السفينة هم في إمرة وسيطرة قبطان السفينة.

خِتاما، لا يمكن لعمليات الاستثمار البحري أن تتم على النحو الأمثل إلا بقيام أشخاص الملاحة البحرية بمهامهم على الوجه الذي رسمه لهم القانون.