السبت 20 أبريل 2024 03:42 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

الحوارات

الباحث والمفكر السوري د.نبيل طعمة: الرياضة العربية مازالت في بداياتها وتعمل على شاكلة الهواة

النهار نيوز

يؤسس المفكر والإعلامي والباحث السوري الدكتور نبيل طعمة لمشروعه الفكري عبر الدراسات والبحوث التي ينشرها في سلسلة من الكتب أطلق عليها "فلسفة التكوين الفكري" محاولاً من خلالها أن يبحث في بناء نهضة عربية جديدة تعتمد العلمية منهجاً وحيداً للحاق بركب الحضارة, وهو يرى بأنّ الرياضة فلسفة ولم ننجح فيها عربياً بالشكل الذي نضاهي فيه الأمم التي تطورت في هذا المنحى, والسبب برأيه أننا لم ندخل إلى جوهرها,كما أنّ الرياضة لم تعطى حقوقها ولم توضع على صراط العلم الحقيقي, وهذا ماجعلها متأخرة عن الآخرين..التقينا د.نبيل في حوار لا تنقصه الصراحة وحاولنا الإبحار في أعماقه واكتشاف خباياه ورؤيته وتشخيصه لواقع الرياضة السورية والعربية..تابعوا معنا:

*- الرياضة والفلسفة أية علاقة بينهما؟
دعنا نخوض أولاً في الفلسفة التي هي أم العلوم وجوهرها, وعندما يصل الدارس إلى مرتبة الدكتوراه يكتب على شهادته PHD والتي تعني اختصاراً Doctor of Philosophy أي أنه امتلك عمق التخصص, ودخل إلى جوهره ,وخرج رويداً رويداً حتى وصل إلى قمته, ونجاحه مرتهن بعملية التجانس بين الجوهر والمظهر, والفلسفة تقوم دائماً على الشك لا من أجل الشك فقط, وإنما من أجل الوصول إلى اليقين, وللأسف أنّ سواد العرب لم يأخذوا حتى اللحظة بالفلسفة كمفهوم دقيق لإحداث عملية التطور, وسؤالك على الرغم من بساطته في كلمتين, إنما يحمل من القوة ماسأتحدث به عن الرياضة بعد أن قدّمت للفكرة الأولى الفلسفة, الرياضة فلسفة ولم ننجح بعد في الرياضة بالشكل الذي نضاهي فيه الأمم التي تطورت في هذا المنحى, والسبب أننا لم ندخل إلى جوهرها, وأسباب أخرى تتعلق بمنظومة الذهنية العربية الروحية والتقليدية, أي مازالت الرياضة العربية في بداياتها وتعمل على شاكلة الهواة ,رغم تأطرها ضمن أندية واتحادات ومنتخبات, إلا أنّ الإيمان الحقيقي الذي يأخذ بها للتربع على منصات التتويج الحقيقية, مازال بعيداً والسبب كما قلت عدم استيعابنا لجوهر أسبابها.

*- يبدو العالم مغطى بالمباريات وكـأنه مرتهن داخل شباك عظيمة، ألا تثير هذه الظاهرة الدهشة الفلسفية،وأنّ الرياضة نجحت أكثر من جميع كتب الفلاسفة وخطب أهل البلاغة؟
لا أوافقك في سؤالك والسبب أنّ للفلسفة والمفكرين أدبيات, وللرياضة أدبيات, صحيح أنها هيمنت وأقصد الرياضة على الفكر العالمي وبشكل خاص كرة القدم التي تأتي على رأس هرم الرياضة وتطورها, من خلال الأندية والاتحادات وصولاً إلى الاتحاد الدولي الذي غدا أكثر من قوة محركة في الرياضة, إنما دخل عالم السياسة, ونعلم أنّ السياسة في التعريفات البسيطة, هي من حكم الشعوب وتساوت معها الرياضة هي فن اجتذاب القلوب, فالرياضة اليوم أصبحت تهيمن اقتصادياً على جزء كبير من العالم ,حيث يعتبر "الفيفا" كالبنك الدولي ,يتدخل في شؤون الدول تحت مسمى الرياضة وتطويرها وإنشاء الملاعب, فهي حقيقة انتقلت بالتطور من الهواية إلى الاحتراف ,والتخصص في الاحتراف حتى كدنا نقول عنها مهنة واقعة من لايجيدها هو ساقط لامحالة.

*- مارأيك بمن يقول أنّ الرياضة يجب أن تكون فلسفة أية دولة وأنّ التنشئة على هذه الفلسفة تُحدث فارقاً كبيراً في المجتمعات؟
سؤال واقعي لكن تحكمه الظروف , فمثلاً الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والأمني هم أساس تطور الرياضة وحضورها بشكل فعّال وجذاب, فإذا لم تتوفر هذه العناصر نراها على مقاييس التقدم والتقهقر ضمن مجتمعات عالم الشمال المتطورة جداً, وحرفة تدر دخولاً هائلة بحكم التنظيم الاقتصادي الكبير , بينما في مجتمعات عالم الجنوب بقيت ضمن الهواية حتى وإن أخذت أشكالاً تنظيمية إلا أنّ عدم الاستقرار النقسي والاقتصادي للأفراد والمجتمعات في هذه الدول لايؤهلها للحضور التنافسي المطلوب, رغم أننا نشهد طفرات فردية بين الفينة والفينة الأخرى, كأن يفوز بطل بميدالية دون القدرة على الاستمرار أو فريق بأية لعبة من الألعاب, دققوا فيما أقول وستصلون إلى نتائج أكثر من مبهرة فاللاعب القادم من عالم الجنوب إلى عالم الشمال ينجح لماذا..؟ ويفشل في بلاده أيضاً لماذا..؟, سؤالك ينجب أسئلة واقعية تحتاج إلى قليل من التفكير ليجيب عنها أي متابع لهذا الحوار

*- ألبير كامو الذي كان يلعب حارساً للمرمى في أحد الأندية الفرنسية قال بأنَّ الحياة الواقعية مثل الكرة لاتأتي نحو أحدنا من الجهة التي ينتظرها.. مارأيك بكلامه؟
ألبير كامو حاله حال أي باحث أو مفكر أو فنان أو موسيقي, يحتاج للرياضة لكن الرياضة لاتحتاجه ,يمارسها من باب الترفيه والنصائح, ويمارسها أيضاً من باب الهواية, لا من باب التخصص, لأنّ لديه تخصص, والرياضة لديه كما لدى المشتغلين في حقول أخرى ,وفعلاً الحياة مثل الكرة تأتيك من حيث لاتتوقع فإن أحسنت التعامل معها أخذت بك للأمام, وإن فشلت فاتتك الفرصة لتذهب تائهاً تبحث عن غيرها.

*- تفاجئ الأزمات المتعددة العالم العربي على المستويات الاقتصادية والصحية وحتى الرياضية الإنسان المُعاصر. برأيك ماذا يمكنُ للفلسفة أن تقدمهُ في الأزمنة المتأزمة؟
بدأت حديثي عن مفهوم الفلسفة التي لم يؤمن بها كثير العرب ,والسبب أنهم يؤمنون بفلسفة التسليم والغيبة ويتعاملون مع أي حدث بالعاطفة والآنا ورد الفعل , فهم محكومون من القدر وإذا أراد انتصرنا, والغفران في حال الخسارة ,والوعود الكثيرة في التعويض دون الاشتغال العلمي على ذلك, والفردية التي لم تؤمن حتى اللحظة بالعمل الجماعي, وأنّ كل فرد قادر على تحقيق كل شيء في الوقت الذي يجب أن يؤمن أنّ الإنسان بمفرده قليل ومع الآخر يظهر الأفضل ومع المجموع المخلص تأتي النتائج الإيجابية.

*- هل كان للرياضة نصيب ضمن موسوعة “فلسفة التكوين الفكري” مشروعك الذي تعمل عليه منذ أكثر من عشرين عاماً وصدر منها حتى الآن ثلاثة عشر جزءاً؟
سألت مرة فكري لماذا نحن متأخرين , وأتبعت السؤال بإجابة من خلال تأمل عميق أننا نحقق بين الفينة والأخرى ليس فقط في بلدنا وإنما في كل البلدان العربية ميدالية هنا وأخرى هناك , والفشل يلازم النجاح , طبعاً الظروف متداخلة بحكم أنّ السياسة تتدخل في كل شيء ,ولم تعطي الرياضة حقوقها في مجتمعاتنا ولم تفسح لها التطور النوعي أي وضعها على صراط العلم الحقيقي, كي يحدث التخصص لأنّ الانتشار الرياضي يحدث جماهيرية نوعية, ويبدو أنّ الخوف من تطورها كالخوف من الأئمة لأنّ صيحة واحدة قد تجمع الألوف وتهدم البيوت, والأسباب أكثر من واضحة ,لأنّ السياسة العامة في الوطن العربي لم تصل في سعيها لبناء مجتمعاً علمياً تؤمن بوطنيتها التي تدعو إلى حماية الدولة من خلال محاورها الانتاجية ومنها الرياضة, الانشغال في الحفاظ على الدولة أهم من شيء آخر, علماً أنّ الدولة تقوى بمنتجاتها ومن منتجاتها الهامة الرياضة ,لأنها تحمل إضافة إلى حضورها المحلي والدولي مخرجات اقتصادية تعتبر بنداً من بنود الاقتصادات الوطنية.

*- كيف ترى وتقيّم الرياضة السورية في زمن الحرب؟
أنت تقول في زمن الحرب, دمرت الملاعب وتاهت الرياضة في رحلة بحث عن وجودها ووحتى اللحظة لم تستوي على مذهب, فنتاج ما أسقط على سورية من حرب كونية أرادت تدمير كل شيء ومنها الرياضة التي تحتاج إلى دعم اقتصادي, والدعم الاقتصادي حالياً غير متاح للنهوض الشامل بالرياضة السورية, لنبقى من دائرة الطفرات, ننجح قليلاً بالإندفاع الفردي والعاطفي, ونفشل كثيراً حيث تغيب العلمية وأدواتها التنفيذية, والمشكلة بشكل أدق أنّها تحتاج لمخلصين المترفعين عن لغة الأنا, والاتجاه إلى لغة نحن نريد ضمن منهج علمي يؤمن بضرورة النجاح.

د.نبيل طعمة في سطور
من مواليد دمشق 1957 حاصل على إجازة في الهندسة الميكانيكية ودكتوراه من جامعة أوديسا تخصص قوى ميكانيكية ودكتوراه مع مرتبة الشرف في العلوم الإنسانية والثقافات العالمية من جامعة سانت فيديس في إيطاليا ودبلوم هندسية فكرية من جامعة برلين التقنية وهو رئيس تحرير مجلة الأزمنة ومجلة الباحثون ومدير عام دار الشرق للطباعة والنشر كتب العديد من المقالات السياسية والفكرية والفلسفية في العديد من كبريات الصحف المحلية والعربية والعالمية فضلاً عن مؤلفات فكرية ومجموعات شعرية كما قام بانتاج مجموعة مهمة من الأعمال الدرامية أبرزها: (هولاكو) (الشتات) (نزار قباني) (غزلان في غابة الذئاب)...
دمشق - صفوان الهندي