الجمعة 29 مارس 2024 04:57 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

أيمن سلامة : تبادل الأسري الروس و الأوكرانيين بين القانون الدولي و السياسة .

النهار نيوز

تنص اتفاقية جنيف لثالثة عام 1949 لمعاملة أسري الحرب و المعتقلين علي كيفية معاملة أسري الحرب ، بما في ذلك المواد الخاصة بتبادل الأسرى المصابين و المرضي و عودتهم لأوطانهم وقبل انتهاء العدائيات العسكرية بين الدول المتحاربة .

تنص المادة 109 من الاتفاقية علي: "الإعادة المباشرة إلى الوطن لأسري الحرب المصابين بجروح أمراض خطيرة إلى بلادهم بغض النظر عن العدد أو الرتبة ، بعد رعايتهم حتى يكونون مؤهلين للسفر ، وفقًا للفقرة الأولى من المادة التالية ، كما تنص أيضا علي :" طوال مدة الأعمال العدائية ، على أطراف النزاع أن تسعى ، بالتعاون مع الدول المحايدة المعنية ، إلى اتخاذ الترتيبات اللازمة لإيواء المرضى والجرحى من أسرى الحرب المشار إليهم في الفقرة الثانية من الاتفاقية في البلدان المحايد" .

غالبًا ما تلعب الحسابات الاستراتيجية دورًا رئيسيًا في تبادل الأسرى، وفي معظم الحالات يقوم المتحاربون بتقييم المزايا الاستراتيجية، و من بينها بالطبع العسكرية ، التي تتحصل من هذا الإجراء ، ويظهر التاريخ في مناسبات عديدة هذه الحقيقة الواقعية بعيدا عن الأطر القانونية ، وتدليلا ، في صفقة تبادل الأسرى بين تنظيم حماس و إسرائيل عام 2011 ، حيث استبدلت حماس الجندي الإسرائيلي "شاليط " مقابل 1027 فلسطينيا كانت تحتجزهم إسرائيل.

تنطوي أحيانا المفاوضات المباشرة التي تجريها الدول المتحاربة مثل أوكرانيا و روسيا علي دلالة رمزية حين تنجح هذه المفاوضات في نهاية المطاف بتبادل الأسري بين البلدين ، حيث تحقق هذه التبادلات قيمة رمزية من خلال التفاوض على إطلاق سراح أسرى الحرب ، حيث ترسل الدول إشارة قوية إلى الرأي العام الوطني و العالمي ، بحسن نواياها و تنفيذ الواجبات الدولية الواردة في المواثيق الدولية في هذا الصدد .

أيضا عندما تعلن الدول علنًا عن تبادل الأسرى ، فإنها ترسل أيضًا إشارة مهمة إلى جنودها ، حيث تسعى الحكومات إلى رفع الروح المعنوية لقواتها وتعزيز استعدادها للقتال بعزم غير محدود، وأن الحكومات لا تتخلي عن مقاتليها و معتقليها المدنيين ، وما برح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ،في هذا السياق ، يؤكد علي ذلك بقوله : " نحن لا نتخلى عن جنودنا ".

في سياق الحرب الروسية الأوكرانية ، يعد أحد الأبعاد المهمة لكل صفقة تبادل للأسري هؤلاء الذين سيتم تبادلهم من قبل كل جانب، و قد يبدو بديهيًا أن تقبل روسيا وأوكرانيا فقط مقايضات التكافؤ ، حيث يفرج كل جانب عن نفس العدد من السجناء، لكن هذا ليس هو الحال دائمًا ، فقد استبدلت عملية تبادل الأسرى في الأول من مارس الماضي ضابطًا روسيًا بخمسة جنود أوكرانيين ، وهذا يشير إلى أن الحكومة الروسية تعتبر بعض السجناء أكثر قيمة من غيرهم ، مما يظهر مرة أخرى أن التبادلات هي أكثر من مجرد أعمال إنسانية.

أيضا في تبادل الأسري بين 2017 الانفصاليين الأوكرانيين الموالين لروسيا و الحكومة الأوكرانية ، وافقت كييف والمتمردون ، على تبادل 306 انفصاليين موالين لروسيا مقابل 74 جنديًا ومدنيًا أوكرانيًا،

تكشف الحرب العالمية الثانية عن البعد الإنساني المهم الذي يتعلق بتبادل أسري الحرب المرضي و المصابين وقبل انتهاء الحرب ، وتحديدا بعد انتهاء " حملة تونس " التي انتهت في معركة العلمين – مصر عام 1942 ، حيث طبقت الدول المتحاربة اتفاقية جينيف لمعاملة أسري الحرب عام 1929 ،حيث كان للحلفاء أكثر من 3000 أسير حرب مصاب بجروح خطيرة، غالبيتهم العظمى أعضاء في قوات المملكة المتحدة ، الذين نقلوا للسويد للدولة الحامية في ذلك الوقت ، فضلا عن سويسرا ، وبمقتضي مفاوضات الحلفاء و المحور تم الاتفاق علي عودة هؤلاء إلى أوطانهم من السويد ، بالإضافة إلى 1200 ضابط أو أكثر ورتب أخرى بما في ذلك الأطباء والقساوسة والمسؤولون الطبيون وحملة النقالات .