السبت 23 أغسطس 2025 07:46 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

الكاتبة سارة طالب السهيل تكتب: وقائع حياتنا وتفشي كورونا ... الأنانية والتحقير من الآخرين

النهار نيوز

ما نعيش من كارثة كورنا بكل آلامها وصعابها ومخاض خوفنا على أنفسنا وأحبتنا ، إلا أن هذا الوباء الشرس للأسف الشديد لم يغير في نظرتنا لأنفسنا وللآخرين إلا ما رحم ربي ، في أن يراجع بعضنا سلوكه اليومي ولم يراجع أخلاقه ، باعتباره هو والآخرين في الإنسانية في مركب حياة واحد لا يفرق فيه بين غني وفقير متعلم أو أمي ، وقد تغرق المركب بنا جميعا ـ لا قدر الله ـ ما لم نتراحم ونعلي من إنسانيتنا ويفهم بعضنا بعضا ويلتمس بعضنا للبعض سبعين عذرا .
هذه أخلاق سماحة إسلامنا الحنيف وكل الأديان السماوية التي حضت على أخلاق التراحم والحفاظ على كرامة الاخرين وصون حقوقهم من الاهانة او التجريح ، ولكن أين نحن من هذه الاخلاق ؟!
تابعت على موقع النجوم عدة فيديوهات تعكس ما يستشعره أصحاب القلوب البيضاء من مرارة الحلق عندما يقع ظلم على إنسان ضعيف ، أو يتعرض أحد الأشخاص للإهانة والنقد والتجريح والقهر دونما ذنب اقترفه ، ومرجع هذا الظلم كله هو الشعور المتضخم لدى الكثيرين بالأنا وبأنهم أعلى مكانة أو قدرة أو سطوة اجتماعية أوفكرية تسول لهم تجريح الاخرين بسهولة دون وجع ضمير .
هذه الفيديوهات ، تعكس واقع مرير نشاهده جميعا في حياتنا اليومية في سلوك الناس الذين لا يرحمون غيرهم علما بأن من لا يرحم لن يرحم ، فهاهو سائق التاكسي يطالب بأجره وفق حساب العداد بينما الزبونة ترفض اعطائه كامل حقه وتنقص منه وتكيل له السباب والشتائم ، بل وتهدده باحضار شرطة المرور ، ولما طال به الوقفة جاءه رجل المرور ليحرر له مخالفة ، بينما سائق التاكسي فقير مغلوب على أمره ولا يدري ماذا يفعل .
الفيديو الثاني لبائع بيض ينادي عبر الميكرفون على بضاعته ليجلب الزبائن ، بينما يقوم أحد كتاب الدراما بتوبيخه واحتقاره وإهانته ،لان صوت البائع يزعجه ، وتناسى مؤلف المسلسلات حق البائع في الترويج لبضاعته لانها مصدر دخله ، وتناسى ايضا حقيقه ان ما يكتبه من مسلسلات قد تخرب البيوت بافكار مسمومة وتزعج كثير من الأسر .
قرر بائع البيض أن يلقن هذا المؤلف درسا في الحياه فذهب إلى بيته ليحطم أصنام الأفكار البالية لدى المؤلف ويحطم الأنا المتضخمة لديه ،والتي تجعله لايرى في الدنيا إلا نفسه ولا يسمع إلا صوته ، ولا يفكر لحظة في سماع صوت الآخرين أو التفاهم معهم أو التماس الأعذار لهم .
وها هو بائع البيض يعري مؤلف المسلسلات وهو يقدم أبطاله من المجرمين والخونة والفسدة ، دون أن يقدم شخصيات سوية مكافحة وشريفة وهي أيضا كثيرة في الحياة ، فمن أذن يزعج من ؟ بائع البيض هو ينادي على بضاعته ، أم مؤلف المسلسلات التي تدمر أخلاق الناس وتعلي من شأن الأنا الامارة بالسوء ؟ !!!
أظن أن كل البشر بحاجةالي مراجعة أنفسهم وتصحيح نظرتهم للحياة وللآخرين ، فالآخرين ليسوا عبيدا لنا ، بل عباد لله وحده ، وكل من يظن في نفسه قدره على التحكم في الآخرين وإهانتهم وقهرهم ، فاني أذكرهم بقدرة الله عليهم ، فبلحظة يتحول العزير الى ذليل بقدرة قادر .
فالدرس الذي لقنه بائع البيض لكاتب الدراما الذي تلقى تعلميه من الكتب ، كشف عن بائع البيض الأكثر خبرة بالحياة والأكثر ثقافة بالنفس البشرية ، بل وأنه أكثر أخلاقا حتى لو كان أميا أو نصف متعلم
نحن بحاجة لثقافة الأخلاق قبل أي شيئ ، فالأخلاق هي ميزان الرحمة والعدل والعلاج النفسي لكل أمراض النفس الأمارة بالسوء ، وعندما نحققها في سلوكنا اليومي سنقضي على كل الأمراض وفي مقدمتها كورونا .

سارة طالب السهيل كورونا