د.محمود ابوعميرة يكتب : النجاح قرار… وليس اختيار.


ليس النجاح صفحة تُطوى بين لحظتين، ولا موجة عابرة من حماسة، ولا صدفة تطرق باب من لا ينتظر، لكنه يشبه مولودًا يولد داخل الإنسان، يبدأ همسًا في القلب، ثم يكبر مع الأيام حتى يصير صراخًا داخليًا يقول لصاحبه: انهض… فلم تُخلق لتبقى حيث أنت.
ومنذ فجر الحياة، والإنسان واقف بين طرقين: طريق سهل كالماء ينساب بهدوء لكنه لا يوصلك إلى شيء، وطريق صعب كالصعود على صخورٍ مبتلة، لكنه يُريك في القمة ما لا يراه أصحاب الخطوات المريحة، وهنا وأمام هذا التقاطع لا يكون النجاح اختيارًا، بل يكون قرارًا،
قرارٌ يغيّر شكل العمر، ووجه الأيام، ورائحة الليالي والساعات.
فالنجاح يبدأ من لحظة مواجهة الذات، ولا شيء يمكن أن يغيّر الحياة قدر تلك اللحظة التي يقف فيها الانسان وحده، أمام مرآة قلبه، ويتسائل: إلى متى سأبقى هاربًا من نفسي؟
إلى متى سأنتظر أن تتغيّر الحياة بينما أنا ثابت؟ حينها فقط يولد القرار الذي يصنع الفارق؛ قرارا يشبه شعاع النور في غرفة مظلمة، فلا يُزيل الأشياء، لكنه يُظهرها، وهكذا يستطيع القرار ان يمحو العقبات ويكشف حقيقتها، فلا يخيفك بعدها شيء.
فالعظماء لم يُولدوا عظماء، لكنهم قرروا ان يكونوا عظماء، فكم من رجلٍ بدأ مكسورًا، ثم صنع من كسوره مدرجًا صعد به إلى السماء! وكم من امرأةٍ صبرت حتى تحوّل صبرها إلى جناحين طارت بهما فوق ما ظنه الناس مستحيلاً! فالعظمة لا تقاس بالعضلات ولا تُفتن بالمظاهرلكنها تحترم مناخ الروح والعقل والارادة.
والعظماء ليسوا من وُهِبوا الطريق، بل من شقّوا الطريق بأظافر الإصرار والارادة حين لم يكن هناك طريق أصلًا، فتحملوا الألم والظلمة والفقد ، فلولا الالم لما وُلد النجاح، ولولا الظلمة لما عرف الإنسان قيمة النور، ولولا الفقد لما عرف قيمة الامتلاك.
وحين تقرر النجاح، فأنت في الحقيقة تتخذ قرارًا أعمق بأن تعود إلى نفسك، وتُحرر روحك من قيود الأعذار، وتقود سفينتك بدلا أن تتركها للرياح تعبث بها، فتبني شيئًا يبقى بعدك، وتقول للعالم: مررتُ بما مرّ به الناس من الم، لكني لم أسمح لما مرّ بي أن يوقفني.
وبذلك يجب أن يولد النجاح من داخل الانسان، من فكرة صائبة، و رغبة صادقة، من دمعة سقطت مسحتها ايدي مخلصة، ومن جرحٍ نطق بالصبروالعزيمة.
فليست الخطوة الأولى هي الأصعب، بل القرار هو الذي يمثل البداية الحقيقية، حينما تقول لن أطلب طريقًا أسهل، وانما سأطلب قلبًا أقوى، فيكون ما بعده اسهل، فكم من إنسانٍ بدأ بخطوة صغيرة، فصعد بها سلّمًا لم يكن يراه أصلًا! وكم من آخر ظل يقول: “غدًا” حتى سرق الغد منه كل شيء، ولم يبقَ له إلا الحسرة!
ولهذا، فالنجاح ليس لحظة وصول، وإنما لحظة تحول، تحولٌ في الفكر، في الطموح، في الإيمان بالذات، في القدرة على تحويل الألم إلى أمل، والهزيمة إلى انتصار، والضعف إلى قوة، والتحدي الى فرصه، والمحنة الى منحة، والأجمل من ذلك كله، أن تكتشف أن الطريق غيّرك، فجعلك أكبر من أن تغرق بسهولة في بحر اليأس والفشل.
فالنجاح لا يُشترى، ولا يُهدى، ولا يُورّث، وانما يُنتزع من بين الضع واليأس، وحينها تكون صاحب مصيرك، لا تابعًا لظروفك، وتدرك ان النجاح قرارا من الممكن ان تتخذه في ظلام، في حزن، في تعب، في خوف، في وحدة، وحين ينضج هذا القرار، تشرق حياتك مهما تأخر الفجر، و تصل مهما طال الطريق، وتقول لنفسك: ما أعظمك يا نفسي حين قررتِ… وما أجملكِ حين صبرتِ، وما اعظم ان نعتقد ان النجاح قرار وليس اختيار.



















تموين القليوبية تضبط مخالفات كبيرة وتشدد قبضتها على الأسواق
مصدر أمني: ضبط إحدى السيدات بحوزتها بطاقات شخصية لعدد من السيدات
الداخلية ترد على تداول عدد من مقاطع الفيديو تدعي وجود مخالفات أمام...
ضبط 2,5 طن أغذية غير صالحة للاستهلاك الآدمي في هذه المحافظة
هلكوت زاهير: عبقرية الألحان التي كسرت حاجز الأرقام العالمية
رئيس الإتحاد المصري للميني فوتبول أحمد سمير يُطلق الدوري الممتاز الموسم...
د. بكري دردير الأقصري يكتب: ابن الأصول