الكاتب الصحفي مصطفى جمعة يكتب : عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عليها وَلِيَ فِيهَا….( مَآَرِبُ أُخْرَى)


شيء غريب جدا على قد ما اسعدني ،أحزنني على رفاق العمر الذين شاركوني وشاركتهم في تصوير تراثنا بواسطة اجسادنا ك راقصين في فرقة قنا للفنون الشعبية التي كانت تعد واحدة من الفرق الثلاثة الكبار في هذا المجال ببلدنا الحبيبة مصر مع فرقتي رضا والقومية والذين سبقوني إلى الرفيق الأعلى ،
(. لقد اختارت وزارة الثقافة هذه الصورة لي إثناء تقديم رقصة التحطيب على مسرح البالون في القاهرة لكي تكون نموذج في مسابقتها الكبرى لرسم "بورتريه" للرجل الصعيدي الحق على حد ما قيل لي من المسؤولين عن الفنون التشكيلية
(.و"رقصة التحطيب" درة رقصات فرقة قنا للفنون الشعبية والتي تأسست في أوائل ستينات من القرن الماضي ، والتي تقول كلمات أغنيتها "انا صعيدي وأبويا صعيدي من قنا ،فخر واصل ونسب من زينا، لو لفيت الدنيا من شرقها لغربها ما تلاقي مثلنا" .
(. وكان لهذه الرقصة دورا كبيرا في لفت انتباه منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" في اضافة"التحطيب"إلى قائمتها التمثيلية للتراث الثقافي للبشرية .
(. والتحطيب أداة ورمز، واللعبة لها جذورها في التراث الصعيدي من عمق ديني أولا " هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى"،وثانياً من عمق استراتيجي حيث كانت سببا من أسباب انتصارنا على الهكسوس عندما اجتاح الغزاة بر المحروسة لمدة 100 عاما حتى قاد احمس الاول الجيش المصري لطردهم ليؤسس بداية حكم الاسرة الثامنة عشرة لمصر الموحدة، وهي الأسرة التي ابتدأ بها عصر المملكة الحديثة في 1558ق.م .
(. كان عند الهكسوس بريمر"الحاكم الأمريكي للعراق بعد احتلالها"الذي فكك الجبوش ومنع حمل السلاح ...لكن على مين...المصريين هم ام الاختراع ...وابتدعوا التحطيب للتدريب وكانوا اول من علموا الانسانية التدريب على النماذج لتقريب الحقيقة.
(. تعد لعبة التحطيب إحدى الظواهر الشعبية فى الصعيد التى ترمز فى مجملها إلى القيمة نفسها؛ وهى البطل الشعبى ابن النيل فى مواجهة التحدى وتحقيق الانتصار.
(. والتحطيب لعبة الشجعان قديمة قدم التاريخ بل بدات قبل ظهور الحضارة نفسها و تركت لنا العصور الحجرية القديمة وعصور ما قبل التاريخ العديد من الرسوم المنقوشة على صخور التلال الحجرية للمعابد المتناثرة فى مصر بامتداد النيل وبصفة خاصة على جدران معبد الكرنك ومنها خرجت جميع أنواع العاب المبارزة .
(. وكانت العصا "الشومة" فى اول ظهورها من عيدان الغاب الذى ينمو على شواطىء النيل ثم استعملت عيدان سعف النخيل وعندما أنتقلت الى المدن صنعت لها عصى خاصة فى الدولة الوسطى فظهرت أشكال مختلفة للعصى اختلفت فى الطول والسمك وقد ينزل اللاعب الى المبارزة بعصاتين واحدة يضرب بها وأخرى يرد بها ضربات خصمه .
(. والتحطيب لعبة لا تقتصر على الإمساك بالعصا فقط بل لها قواعد واسس يجب ان يعيها جيدا من يرغب في ممارستها والا يتعرض اللاعب للسخرية من الآخرين، وقد تصل في بعض الأحيان للقتل.
(. تبدأ اللعبة بتكوين حلقة دائرية من المتفرجين من جميع الاتجاهات في وضع الجلوس على الأرض أو الوقوف، ويكون بداخل الحلقة مُحكّم يفصل بين المتخاصمين في حالة حدوث مشاجرة أو اختلاف بينهما، ثم يبدأ المبارز أولا بالتحية لمنافسه باستخدام العصا، ويستمران في المبارزة، وفي النهاية بعد فوز أحدهما يتعانق اللاعبان، ويشارك الجمهور الفائز في الرقص على أنغام المزمار،
(. وهناك شرط أساسي لا بد من الالتزام به لدخول حلقة المنافسة في هذه اللعبة وهو ارتداء الجلباب الصعيدي الشعبي، ومن دونه لا يمكن لأي شخص أن يشارك في اللعبة.
(. ووصف موقع اليونسكو على الإنترنت التحطيب قائلا "كان أحد أشكال الفنون القتالية في مصر القديمة، ويعد اليوم من الألعاب الاحتفالية التي حافظت على جزء من الرموز والقيم المرتبطة بممارستها".
(. وأضاف الموقع "تؤدى هذه المباراة أمام جمهور من المشاهدين حيث يقدم المتبارزون على أنغام الموسيقى الشعبية عرضا قصيرا للحركات غير العنيفة باستخدام عصا طويلة. وتمارس هذه اللعبة من قبل الذكور الذين غالبا ما يكونون من سكان محافظات الصعيد في مصر العليا".
وتابع الموقع "تقوم قواعد المبارزة على الاحترام المتبادل والصداقة والشجاعة والفروسية والفخر. ويتم تناقل فنون هذه المبارزة في العائلات والمجتمعات والبيئة المحيطة".