”لا تحزن إن الله معنا”... نور اليقين في حياة المسلم اليوم


في زمن تتراكم فيه الهموم، وتتزاحم فيه الأعباء، ويغدو القلق ضيفًا ثقيلًا على الأرواح، تظل كلمات الوحي صامدة، تقف كمنارة في بحر مضطرب، تهتف لنا في لحظات الانكسار: "لا تحزن إن الله معنا".
هي ليست مجرد جملة قالها النبي ﷺ لصاحبه في غار ثور، بل هي شيفرة الطمأنينة، ومفتاح النجاة لكل مسلم في كل زمان ومكان. قيلت في لحظة كان فيها الظلام يخيّم، والمطاردون يحاصرون، والقلق يطرق الأبواب... لكنها جاءت بردًا وسلامًا، لتكون قاعدة راسخة في العقيدة الإسلامية: أن المؤمن لا يُهزم طالما كان الله معه.
في حياة المسلم اليوم... أين "معية الله"؟
الواقع المعاصر يعجّ بالضغوط: غلاء، مرض، غربة، فتن فكرية وأخلاقية، اضطراب سياسي واجتماعي، حتى بات كثير من الناس يشعرون بالضياع والخذلان. وهنا تبرز الحاجة المُلحّة للعودة إلى جوهر الإيمان: الثقة بالله، واليقين بأنه سبحانه أقرب إلينا مما نظن، يرى مواضع ضعفنا، ويسمع أنين قلوبنا، ويدبّر لنا من حيث لا نحتسب.
"لا تحزن إن الله معنا"... هي دعوة للاطمئنان لا للركون، هي وعد إلهي بأن المعية الربانية لا تخذل من تمسك بها، لكنها تقتضي أن يسير المسلم في طريق الله، يعمل، يجتهد، يصبر، ثم يتوكل.
بين التوكل والتواكل
من الأخطاء الشائعة أن يظن البعض أن الاتكال على الله يعني الركون والسكون، لكن الله لا ينصر المتكاسلين، بل يكون مع من يسعون ويجاهدون ويتوكلون. لذا، فحياة المسلم اليوم لا تكتمل إلا بمزيج من العمل والعبادة، من الاجتهاد والدعاء، من الواقعية والإيمان.
رسائل مطمئنة من الغار إلى العالم
في خضمّ الحياة، حين تكثر الأبواب المغلقة، وتبدو الطرق مسدودة، يأتي هذا النداء الخالد:
"لا تحزن إن الله معنا" ليعيد ترتيب أولويات القلب، وليعلّمنا أن القوة الحقيقية لا تأتي من السلطة ولا المال، بل من الثقة بمن لا يخذل من رجاه.
هي رسالة لكل مسلم مكسور، لكل أم باكية، لكل شاب تائه، لكل مريض يئنّ:
"إن الله معنا"... فابتسم، وانهض، وواصل الطريق.
اللهم يا من قلتَ في كتابك الكريم:
"لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا"
اجعلنا ممن يشعرون بمعيّتك في كل لحظة، وامنح قلوبنا السكينة، ونفوسنا اليقين، وطرقنا التيسير والتوفيق.
اللهم إن ضعُفنا فقوِّنا، وإن يئسنا فأحيِ فينا الأمل، وإن ضاقت بنا الدنيا، فافتح لنا من رحمتك أبوابًا لا تُغلق.
ربنا معك لا نخاف، وبك لا نضيع، وإليك لا نُهزم.