كازاخستان والإصلاحات السياسي

" نحن الشعب لا يحتاج إلى أفكار ووعود مجردة، بل يحتاجون إلى تغييرات ملموسة نحو الأفضل... لدينا رؤية واضحة للمستقبل وخطوط كازاخستان الجديدة دولة فعالة ذات مجتمع مدنى قوى"، بهذه العبارة الواردة على لسان الرئيس الكازاخى قاسم توكاييف، تجلت رؤيته صوب طبيعة الإصلاحات السياسية المزمع تنفيذها للنهوض بالدولة الكازاخية والعبور بها إلى المستقبل، مشيرا إلى أن مسار تلك الإصلاحات يختلف عما كان متبعا من قبل، إذ كما هو معروف ان كازاخستان تبنت في مرحلة سابقة فكرة التدريجية في الإصلاحات على غرار النمط السنغافورى الذى ارساه "لى كوان يو" ذلك النمط الذى كان يتبنى فكرة ترك الديمقراطية وما يتبعها من مظاهر لحين تحقيق مستويات معيشية لائقة ودرجات معينة من التنمية والرخاء والتعليم أولا ثم تدشين الإصلاحات السياسية تدريجيا. ولكن ما تبناه الرئيس الكازاخى توكاييف هو نهج جديد يهدف إلى تغيير نموذج التنمية في البلاد كما شرح ذلك بأن يقوم تأسيس كازاخستان الجديدة على مزيج متناغم من الإصلاحات السياسية والاقتصادية إلى جانب وجود وسائل اعلام مستقلة ومسئولة ايمانا منه بان التحول الديمقراطى يستحيل من دون هذه الوسائل الإعلامية.

في ضوء هذه الرؤية المتكاملة للمسار الاصلاحى في جمهورية كازاخستان الجديدة، برز الحديث عن مجموعة من الإجراءات والخطوات العملية، منها: انهاء عضوية رئيس الجمهورية في أي حزب سياسى بمجرد انتخابه رئيسا للبلاد، موافقة مجلس الشيوخ على قرارات رئيس الجمهورية بتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا (المنشأة حديثا) ورئيس مجلس القضاء الأعلى، الغاء سلطة الرئيس في عزل رؤساء البلديات التابعة للسلطة المحلية، اصلاح النظام الانتخابى بما يضمن استقلالية للعملية الانتخابية وشفافيتها، جعل لجنة الانتخابات المركزية جهة إدارية مهنية مستقلة، خفض عتبة التسجيل للأحزاب السياسية من 20 الف إلى 5 آلاف، تعزيز مكانة مفوض حقوق الانسان على مستوى الدستور والقانون، تعزيز دور المجالس العامة، ضمان حرية الصحافة من خلال مراجعة القوانين المنظمة لها.

مجمل القول إن كازاخستان تعيش اليوم مرحلة نحو تعزيز مسارها الديمقراطى من خلال تعديلات دستورية وقانونية، وقرارات تنفيذية، وإجراءات عملية، تستهدف كلها كما ذكر الرئيس توكاييف انشاء قواعد للعبة عادلة ومنصفة مع العمل على زيادة مشاركة المواطنين في إدارة الدولة بما يضمن بدوره ترسيخ ممارسة ديمقراطية حقيقية تلغى الاحتكارات في المجالات السياسية والاقتصادية وترسخ مفاهيم العمل الوطنى المشترك.