الجمعة 19 أبريل 2024 07:27 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

د. نبيل بوغنطوس يكتب: القطاع المصرفي في لبنان نعمة أم نقمة

النهار نيوز

لعب القطاع المصرفي في لبنان دورا بارزا في ازدهار لبنان على مدى عقود، وذلك اعتبارا من مطلع الستينات مرورا بالسبعينات والثمانينات وطوال الفترة الماضية، اي حتى ما قبل سنتين تقريبا، حيث بدأ القطاع يتعرض للاهتزاز نتيجة الكثير من العوامل. وهكذا، لا يمكن ان ننسى ان مصارف لبنان لعبت دور الخزنة الرئيسية لبعض دول الشرق الاوسط وبعض افريقيا حكومات وافراد، تكدست الاموال فيها الى درجة انها في بعض الاحيان كانت تفيض، ولا تجد مجالات لتشغيلها ولا للاستفادة منها، في الداخل وفي الخارج، او حتى نستطيع القول انه لم يكن هناك نظرة رؤيوية، تخطط للاستفادة من هذه الودائع حيث يمكن وفي كل القطاعات. كما انه لا يمكن ان ننسى عائدات النفط من الدول العربية والخليجية، واموال الملوك والامراء والرؤساء العرب، ومخزونات اصحاب كبريات الشركات العاملة في المنطقة، واموال منظمة التحرير الفلسطينية، والكثير الكثير ضمن اطار شبه شرعي وشبه قانوني، وهي كلها اسهمت في تحويل القطاع المصرفي اللبناني كما اسلفنا الى خزنة كبيرة ضخت اليها مليارات الدولارات، ليصبح بذلك لبنان سويسرا الشرق. نما القطاع المصرفي اذن وكبر بشكل لا مثيل له، ازدادت اعداد المصارف وازدادت فروعها، حتى وصل الامر مثلا، ببنك عودة، ان اورد في احد اعلاناته، انه بمتلك "فرعا بجوار كل دار"، على مدى مساحة الوطن اللبناني، او حتى في بعض الخارج. هكذا وباختصار شديد، اسهمت المصارف في ازدهار لبنان، وفي نهضته الاقتصادية لعقود، وقدمت لعملائها، مقيمين ومغتربين وضيوف، خدمات مالية ونقدية عالمية، كانت السباقة الى اعتمادها، فاضحت نعمة هذا الوطن الصغير، وفخر المؤسسات فيه، رغم الحرب الاهلية في 1975، وما تلاها من احداث وحروب، بقيت صامدة ومزدهرة وتدعم الاقتصاد المحلي وقطاعات الانتاج في البلاد. ماذا يجري منذ نحو 5 سنوات? استفاق العالم، وعلى رأسه الولايات المتحدة الاميركية وبعض دول اوروبا، منذ نحو خمس سنوات، على ادوار قد تكون جرمية وقد لا تكونه، تلعبها بعض المصارف اللبنانية، كتبييض الاموال وتمويل الارهاب والانغماس في ادوار سياسية مشبوهة مباشرة وغير مباشرة، وغيرها من الموبقات، لتبدأ عملية الضغط على القطاع، ومحاصرته ومراقبة عملياته في الخارج واحصاء انفاسه. وفي الداخل، ومع ارتفاع سعر صرف الدولار بالشكل الجنوني الذي هو عليه، ومع حجر المصارف على اموال المودعين وافتقادها الى السيولة بالليرة وبالدولار، انهار الوضع المالي والنقدي، وازدادت النقمة على المصارف، وتكشف دورها في عملية توظيف ودائع الناس لدى المصرف المركزي الذي بدوره مول بها سلطة عاجزة وفاسدة، على مدى عقود من الزمن، لقاء نسب فوائد جد مرتفعة، ونتيجة الفساد والهدر في الدولة، طارت الودائع وطارت الفوائد المرتبطة بها. وهنا يتكشف، ان هناك نقمة شعبية على المصارف واصحابها، وان رفضا لايداع ولو الف ليرة واحد في المصارف اللبنانية، ما يؤ شر الى ان قسما كبيرا من المصارف، يتوجب عليه التفكير جديا بالاغلاق. لا بد اذن من اعادة هيكلة القطاع المصرفي اللبناني من جديد، وهي عملية صعبة وشاقة وطويلة وتحتاج الى التزامات كبيرة. والسؤال الذي يطرح نفسه، بيد من يجب ان تكون هذه العملية، هل بيد مجلس النواب من خلال ايجاد قانون جديد لعمل المصارف وتعديل قانون النقد والتسليف، ام بيد مصرف لبنان وحده، والاخير يعمل جاهدا، الى زيادة الرساميل المصرفية وان بشكل نظري، ومن دون ان تكون عملية رفع رساميل المصارف حصلت من خلال ايداع المساهمين سيولة فعلية باموال طازجة. مع وجوب ادراك ان هناك نسبة خسائر كبيرة نتيجة التباين بين التزامات المصارف للمودعين بالعملة الصعبة وبين ما بقي من دولارات من هذه الاموال لدى المركزي. ويبدو ان الحل سيكون كالعادة، حسب ما يخططه ويرسمه المركزي، من خلال تحويل جزء من الودائع بالدولار الى سندات طويلة الاجل بالليرة الللبنانية، من دون ان يكون لاصحاب الودائع الحق بالاعتراض. وهكذا وكالعادة وكما قلنا ونقول دوما، كل الحلول ستكون على حسالب المودعين، وتكون المصارف بذلك نأت بنفسها عن خسائر كبيرة من خلال المصرف المركزي. ويبدو ان عملية تحديد الخسائر وتوزيعها، سيتحملها المودع بالدرجة الاولى. وهنا الطامة الكبرى.