الجمعة 4 يوليو 2025 09:10 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

الكاتب الصحفي مصطفى جمعة يكتب : وداعا شيكابالا ...موهبة عملاقة وإنتاج ضئيل؟

النهار نيوز

(. ماذا كان سيحدث لو أن الاقدار القت بالموهبة الفذة صديقي صاحب أنقى قلب واجمل روح محمود عبدالرازق "شيكابالا" الذي اعلن اعتزاله كرة القدم امس أثناء مسيرته في المستطيلات الخضراء على مدىً20 عاما في طريق العبقري البرتغالي مانويل جوزيه المدير الفني لفريق الاهلي الاسبق الذي له وجهة نظر متميزة في اللاعبين الموهبين بأنهم الاكثر تعرضا للقلق، وأيضا الاكثر تعرضا لإهمال المدربين الذين لا تتعدى حدود معرفتهم بمهنتهم مساحة الاستدارة للساحرة المستديرة رغم انها مجموعة علوم ومعارف تمزج بين الطب وعلم النفس والقياسات الذهنية والبدنية.

(. توجد اسطورة مفادها بأن اللعبة الوحيدة للشيطان هي كرة القدم وإن هناك شيئا روحيا في اداء شيكابالا خارج حدود الطاقة البشرية , وهذا ما يجعل المرء يصدق انه يلعب كالشيطان نفسه رغم انه ملاك في صورة انسان

(. هو ليس بعازف كروي في الملاعب وحسب بل رسام خيالي، يجسد لنا بقدمه اصدق الاحاسيس، الحزن، والفرح ويصور لنا حركة الاشياء بحسه المرهف كالغزالة و الزهرة و الريح والعاصفة والبهجة حتى انك تعتقد ان اقدامه الساحرة نمت لها جوانح وحلقت في الفضاءات البعيدة

(. شيكابالا ليس لاعبا عاديا بل مهارة كروية تمشي في المستطيلات الخضراء لكون يمتلك تكنيك بارع وعزف دقيق يتغلب بسهولة مدهشة على أخطر المعوقات التي تحاول الحد من انطلاقاته .فيحاكي ادائه الروح ويلامس القلب عبر العقل والأذنين , لتشكل جزءاً كبيراً من الإحساس بالمتعة فهو من القلائل الذين يتوحدون مع الكرة في كل حركة أو جملة عاشها وأداها، بما يجعل المستمع يتلمس حوار' بينه وبين الساحرة التي أحبها، وفهمها، وعلمته كثيراً، فعشقها حتى انك تتخيله في لحظات انه يهمس إليها، فترد عليه همسها، ودفئها، ولحنها، وصداها وأنينها وشجاها وأناتها ودموعها وضحكاتها أيضاً ولم يتبق سوى أن تتكلم وهي بين قدميه

(. ومانويل جوزيه من المدربين القلائل الذين مروا على كرة القدم الذي لديه ادراك واضح للفرق بين الموهبة والتميز الذي يتم الخلط بينهما ربما عن جهل او تعمد في حالة الغيرة

فالموهبة التي يتمتع بها شيكابالا تعني اللاعب ذو أداء وإنجاز وقدرات عالية مقارنة بغيره ممن هم في مثل عمره وخبراتهم وبيئتهم ولديه طاقة ذهنية مرتفعة يُـظهرها كإبداع في مجال كرة القدم مثله مثل الموهوبين في المجالات ، كالأدب والرسم والمخترعات والنظريات وغير ذلك

(. اما اللاعب المتميز هو من يتقن اداء دوره في الملعب وهم في الغالب السواد الاعظم من اللاعبين و القيام بالواجبات المكلف بها على أكمل وجه.

(. والاعبون المتميزون ليسوا بالضرورة أن يكون موهوبون لكن الموهوبون عادةً يكون متميزون واهمالهم جريمة لانهم في الغالب لا يكترثون اذا تم اهمالهم ولا يهتمون بتطوير مهاراتهم الفذة لكنهم يتوهجون مع المدرب القادر على تقديم الدعم اللازم نفسيا خارج الملعب وعمليا بالدفع بهم بصفة مستمرة اللاعب فهو لن يكترث لما لديه من موهبة ولن يتطور يوما.

(. ومشكلة شيكابالا مشكلتان ، الاولى انه لم يجد من الذين تعامل معهم سواء اداريا او تدريبيا يؤمنون أن التخطيط الاستراتيجي للاعبين في الملاعب هو عملية وليس حدثا لمرة واحدة. كالعمليات التجارية الأخرى مثل إدارة الجودة الشاملة والذي يتطلب عقلية متطورة مستمرة. من خلال وضع نهج موحد لكل خطوة، ونهج لمشكلة الأعمال الهامة والصعبة، ودائما يعملون على الحد من الأخطاء ونفهم العوامل التي تقود النجاح بشكل أفضل. وهذا يقلل في النهاية من التكاليف ويعمل على زيادة الفعالية. أما المشكلة الثانية افتقاده هو كلاعب او انسان الدوافع و قد ذهب موهوب إلى أحد حكماء الصين ليتعلم منه سر النجاح

- و سأله: "هل تستطيع أن تذكر لي ما هو سر النجاح !!

- فرد عليه الحكيم الصيني بهدوء وقال له: "سر النجاح هو الدوافع"

- فسأله الشاب: " ومن أين تأتي هذه الدوافع !!

- فرد عليه الحكيم الصيني: " من رغباتك المشتعلة"

- وباستغراب سأله االموهوب : وكيف يكون عندنا رغبات مشتعلة !!

و هنا استأذن الحكيم الصيني لعدة دقائق وعاد ومعه وعاء كبير مليء بالماء

- و سأل الشاب: "هل أنت متأكد أنك تريد معرفة مصدر الرغبات المشتعلة؟"

- فأجابه بلهفة: "طبعا"

فطلب منه الحكيم أن يقترب من وعاء الماء و ينظر فيه، و نظر الشاب إلى الماء عن قرب و فجأة ضغط الحكيم بكلتا يديه على رأس الشاب ووضعها داخل وعاء المياه!!

و مرت عدة ثوان و لم يتحرك الشاب، ثم بدأ ببطء يخرج رأسه من الماء، و لما بدأ يشعر بالاختناق بدأ يقاوم بشدة حتى نجح في تخليص نفسه و أخرج رأسه من الماء ثم نظر إلى الحكيم الصيني - و سأله بغضب: "ما هذا الذي فعلته !!

- فرد و هو ما زال محتفظا بهدوئه و ابتسامته سائلا: "ما الذي تعلمته من هذه التجربة؟"

- قال الشاب: "لم أتعلم شيئا"

- فنظر اليه الحكيم قائلا:

"لا يا بني لقد تعلمت الكثير

ففي خلال الثواني الأولى أردت أن تخلص نفسك من الماء ولكن دوافعك لم تكن كافية لعمل ذلك

وبعد ذلك كنت دائما راغبا في تخليص نفسك فبدأت في التحرك والمقاومة ولكن ببطء حيث أن دوافعك لم تكن قد وصلت بعد لأعلى درجاتها وأخيرا أصبح عندك الرغبة المشتعلة لتخليص نفسك وعندئذ فقط أنت نجحت لأنه لم تكن هناك أي قوة في استطاعتها أن توقفك ثم أضاف الحكيم الذي لم تفارقه ابتسامته الهادئة

عندما يكون لديك الرغبة المشتعلة للنجاح فلن يستطيع أحد اي انسان إيقافك