السبت 8 فبراير 2025 03:08 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

أيمن سلامة : هل حان الوقت لتقسيم سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد؟

النهار نيوز

مع تطورات الصراع السوري التي استمرت لأكثر من عقد من الزمن، ومع تزايد الحديث عن إمكانية سقوط نظام بشار الأسد، تثار تساؤلات حول مستقبل الدولة السورية. هل يمكن أن يكون التقسيم هو الحل الأمثل لضمان الاستقرار، أم أن وحدة الأراضي السورية تظل ضرورة لا بد منها؟

التقسيم كحل للصراع؟

منذ سنوات، طرح بعض المراقبين فكرة تقسيم سوريا كحل للصراع، حيث يتم إنشاء كيانات منفصلة بناءً على الانتماءات الطائفية والقومية. السيناريو الأكثر شيوعًا يتحدث عن:

  1. كيان كردي في الشمال الشرقي، يعتمد على السيطرة الحالية لقوات سوريا الديمقراطية.
  2. منطقة سنية في الشمال والوسط، تتركز حول إدلب وبعض المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
  3. دولة علوية على الساحل، تشمل اللاذقية وطرطوس.

الدوافع الداعمة للتقسيم

هناك عدة حجج تؤيد فكرة التقسيم:

  1. وقف الصراع الدموي: تقليل الاحتكاك بين الأطراف المتنازعة من خلال توزيع جغرافي يُجنب التصادم.
  2. تلبية الطموحات القومية: خاصة بالنسبة للأكراد، الذين يسعون منذ سنوات لتأسيس كيان مستقل.
  3. سهولة الإدارة: كيانات أصغر قد تكون أكثر قدرة على إدارة مواردها وحل مشاكلها مقارنة بدولة مركزية مترامية الأطراف.

التحديات أمام التقسيم

رغم جاذبية الفكرة لبعض الأطراف، فإن تقسيم سوريا يواجه عقبات كبيرة:

  1. تعقيد الحدود: سوريا ليست كيانًا بسيطًا يمكن تقسيمه بسهولة. المدن مختلطة طائفيًا وعرقيًا، مثل حلب ودمشق.
  2. الصراع على الموارد: المناطق الغنية بالنفط والمياه (مثل شمال شرق سوريا) ستكون محل نزاع دائم بين الكيانات المفترضة.
  3. التدخلات الخارجية: القوى الإقليمية والدولية، مثل تركيا وإيران، ترفض تقسيم سوريا لأسباب استراتيجية وجيوسياسية.

الدروس المستفادة من تجارب أخرى

تجربة تقسيم السودان في 2011 أظهرت أن الانفصال لا يعني بالضرورة تحقيق الاستقرار. جنوب السودان، رغم استقلاله، دخل في صراعات داخلية مدمرة بسبب قضايا عرقية واقتصادية. كذلك، في حالة يوغوسلافيا، أدى التقسيم إلى صراعات دموية استمرت سنوات قبل الوصول إلى استقرار نسبي.

البدائل للتقسيم

بدلاً من التقسيم، يمكن التفكير في حلول أخرى:

  1. الفيدرالية: قد يكون نظام فيدرالي يمنح المناطق المختلفة حكمًا ذاتيًا كافيًا لتخفيف التوترات.

لماذا الفيدرالية ستكون الأقرب في سوريا؟

تُعتبر الفيدرالية حلاً منطقيًا للأزمة السورية لأنها توازن بين وحدة الدولة وخصوصية المكونات المختلفة. سوريا تتميز بتنوع عرقي وطائفي، يشمل العرب والأكراد والسنة والعلويين وغيرهم، ما يجعل من الصعب تحقيق الاستقرار عبر نموذج مركزي قوي. الفيدرالية تتيح لكل منطقة إدارة شؤونها الداخلية مع الاحتفاظ بالسيادة الوطنية.

أحد أبرز مزايا الفيدرالية هو تقليل التوترات بين المكونات المختلفة، إذ تمنح الحكم الذاتي للمناطق مع الحفاظ على وحدة البلاد. في شمال شرق سوريا، على سبيل المثال، يمكن للفيدرالية أن تلبي تطلعات الأكراد دون تهديد الوحدة السورية. كذلك، فإن المناطق ذات الأغلبية السنية أو العلوية يمكن أن تُدار محليًا بما يراعي احتياجات سكانها.

الفيدرالية تتيح أيضًا إدارة أكثر كفاءة للموارد، إذ يمكن لكل إقليم إدارة موارده الطبيعية والبشرية بشكل مستقل، مع ضمان توزيع عادل للعائدات بين الأقاليم.

وأخيرًا، فإن الفيدرالية تحظى بقبول دولي أكثر من التقسيم الكامل، لأنها تقلل من مخاطر الصراع على الحدود والموارد، وتتيح إطارًا للتعايش السلمي بين المكونات السورية في ظل نظام يضمن الحقوق للجميع.

  1. إصلاح سياسي شامل: يشمل إعادة هيكلة الدولة لتكون أكثر تمثيلًا لجميع المكونات.
  2. ضمانات دولية: يمكن للأمم المتحدة والدول الكبرى لعب دور في الإشراف على عملية انتقالية تحفظ وحدة سوريا.

خاتمة

تقسيم سوريا ليس حلاً سحريًا، بل إنه يحمل في طياته مخاطر تفتيت المجتمع السوري وإدامة الصراعات على الحدود والموارد. في الوقت نفسه، فإن استمرار الوضع الراهن، مع هيمنة مركزية فاشلة، لا يقدم أي أمل للسوريين في الاستقرار والازدهار.

المسألة ليست في إمكانية تقسيم سوريا فحسب، بل في مدى استدامة أي حل يتم اختياره. السوريون يستحقون مستقبلًا يعيد لهم كرامتهم ويضمن لهم السلام، سواء كان ذلك في دولة موحدة أم في كيانات منفصلة.