الخميس 1 مايو 2025 08:13 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

منوعات وتنمية بشرية

تعرف على.. قصة حمزه الشبراويشي (صانع كولونيا 555)

النهار نيوز

الكولونيا دي اللي ما ستخدمهاش على الأقل سمع عنها .. و ده صاحبها اللي أكيد محدش شافه قبل كده أو الأغلب انه مش كتير يعرفوه .. الراجل ده وراه قصة كفاح

و تعالوا نعرف قصته :

حمزة الشبراويشي صانع كولونيا 555 .. و قصة كفاح طويله

كولونيا 555 هي زجاجة عطر ، كان لها قيمتها فى حياة المصريين منذ عقود طويلة ، تشتم فيها رائحة الماضي الجميل بكل ما يحمل من ذكريات ، فالأطفال تقدمها للأم في عيدها ، و تتعطر بها الجدة ، و يستخدمها البعض لتطهير الجروح او لخفض حرارة المريض و لانقاذ من فقد الوعي ، و لربما كانوا يستخدمونها في أغراض منزلية أخرى ، فاستقرت في وجدان كل مصري ، لكن مالا تعرفه ان وراء زجاجة 555 قصة كفاح انتهت بالتأميم !!

لنتعرف على المزيد ..

لنعرف القصة من البداية ، ولد حمزة الشبراويشي في قرية (شبراويش) و لم يكن لديه شيئا سوى موهبته الفريدة فى صنع أسنسات العطور، و فى البداية استقر فى منطقة الحسين و افتتح محلا صغيرا لبيع العطور التى يصنعها بيديه ، عرف النجاح سريعا فافتتح فرعا فى الموسكي ثم وسط البلد، ثم قرر ان يتحول معمله الصغير إلى مصنع،

فاشترى قطعة أرض صغيرة فى دار السلام و كلما توافر لديه بعض المال كان يشتري قطعة مجاورة لتوسعة المصنع، وكان يزرع بنفسه الليمون الذى يستخدمه فى تصنيع الكولونيا، و كان الملك فاروق يقدم سنويا جائزة لأفضل حديقة منزل، و كان منزله فى المعادي بقطعة أرض حوالي فدان تفوز بالجائزة كل عام ، وكان فى عيد الأم يقيم نافورة فى أرض المعارض بالجزيرة تضخ الكولونيا طوال اليوم، وأصبحت منتجات الشبراويشي جزءا هاما و ثابتا فى حياة المصريين : الكولونيا وبودرة التلك و مستحضرات التجميل .

فى كل مرة كانت توضع أمام عبد الناصر قوائم بأسماء ستخضع لقرار التأميم كان ناصر يشطب على اسم حمزة الشبراويشي و يستبعده عن قرارات التأميم ، ايمانا منه بأن الشبراويشى رجل عصامي و ليس إقطاعيا، و يمثل مصر بصناعة وطنية، كانت منتجات الشبراويشي فى كل بلد عربي، فى مصر تحمل اسم 555 وفى السعودية تحمل اسم ( سعود) و فى السودان تحمل صورة مطربهم الأشهر عبد الكريم كرومة،

فى مصر أيضا كانت أم كلثوم بطلة إعلانات منتجات الشبراويشي فى الصحف، و عندما اقترضت مصر من أجل بناء السد العالي، كان يتم سداد جزء من هذه القروض فى شكل عيني ( ثلاجات إيديال، منسوجات قطنية، أثاث دمياطى) و كانت كولونيا 555 تحتل موقعا مهما فى هذه القائمة. من جهة أخرى كان ناصر زبونا محبا لمنتجات الشبراويشى ، فكان قراره صارما، لن نؤمم الشبراويشي ، لكن ترى ما الذي جعل ناصر يتراجع عن قراره ؟!!

لم يكن حمزة الشبراويشي مهتما بالسياسة، و رفض كل العروض المغرية التي عرضت عليه لشراء مصنعه، كان عبود باشا يطارده ليل نهار لشراء المصنع، لكنه كان يرفض البيع متمسكا بصناعته و تجارته .و في نهاية عام 1965 أصيب حمزة الشبراويشى بجلطة ، و سافر إلى سويسرا لتلقي العلاج ، لم يكن يعرف أن ناصر كان يستبعده طوال الوقت من قرارات التأميم ، لو كان يعلم ما خاف أن يرجع، كان يتابع من سويسرا أخبار الأذى الذى يتعرض له أصحاب بعض الصناعات،

فقرر أن تكون العودة إلى بيروت بعد ان تم الشفاء . و افتتح حمزة الشبراويشي فى بيروت مصنعا صغيرا لتصنيع العطور كبداية جديدة بعيدة عن الجو العام فى مصر، استغل البعض ما حدث و كانت الوشاية مكتملة الأركان، حمزة الشبراويشى هرب من مصر إلى لبنان و سيستقر هناك بعد أن يصفى أعماله و يسحب أمواله كلها، هنا كان قرار عبد الناصر بفرض الحراسة على ممتلكات الشبراويشى، و تم عرضها للبيع، و كان المقابل الذى دفعته شركة السكر و التقطير لشراء مصنع الشبراويشى و المحلات و الاسم التجارى و المنزل و بعض الفدادين زهيدا للغاية لم يتجاوز مبلغ 165 ألف جنيه !! .

عرف حمزة الشبراويشى الخبر و فهم أنه لا مجال للعودة، فاستمر فى لبنان ينتج و يواصل نجاحه حتى توفي مع نهاية الستينيات و عاد إلى مصر جثمانا ليدفن فيها حسب وصيته، كان الشبراويشى يعتبر عمال المصنع شركاءه فى التجربة وكانوا على قدر المسئولية فحافظوا عليه من بعده واستمرت منتجاته ناجحة، و عندما مات شيعوه سيرا على الأقدام من ميدان التحرير إلى مدفنه.

حمزه الشبراويشي (صانع كولونيا 555)