الأحد 7 ديسمبر 2025 11:01 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

أشرف محمدين يكتب: تعلموا الوفاء أولًا… قبل أن تتحدثوا عن الحب

النهار نيوز

في زمنٍ امتلأت فيه القلوب بالكلمات الكبيرة والوعود البراقة، أصبح الحب عند الكثيرين مجرد شعور عابر أو جملة تُقال في لحظة انفعال، سرعان ما تخبو حين يواجه الواقع أول اختبار. ورغم أن الحديث عن الحب لا ينقطع، إلا أن ما يثبت صدقه ويمنحه عمقه الإنساني هو الوفاء. فالحب بلا وفاء لا يلبث أن يتحول إلى ذكرى باهتة، أما الوفاء فهو ما يجعل المشاعر تصمد أمام قسوة الأيام.

الوفاء ليس كلمة تُضاف إلى قاموس الغزل، بل هو امتحان الروح أمام قيمة الالتزام. أن تبقى وفيًّا حين يرحل الآخرون، أن تحفظ العهد رغم تقلبات الظروف، وأن تحمي قلب من أحبك من الخذلان، تلك هي معاني الوفاء التي لا تُشترى بالكلمات. فالحب الذي يخلو من الوفاء يشبه نارًا تضيء لحظة ثم تخلف رمادًا باردًا، بينما الحب الذي يرافقه وفاء يبقى شعلةً دافئة تنير العمر.

المفارقة المؤلمة أن كثيرين يجيدون التحدث عن الحب، لكن القليل فقط من يعرف كيف يكون وفيًّا له. نرى من يُغرق شريكه بعبارات المودة، لكنه أول من يخذل عند أول محنة. وفي المقابل، هناك من لا يُجيد الكلام، لكنه يُجيد الحضور وقت الحاجة، والثبات وقت العواصف. هنا تتجلى الفروق الحقيقية بين من يُحب بلسانه، ومن يُحب بقلبه وفعله.

الوفاء هو ما يجعل الحب التزامًا إنسانيًا قبل أن يكون شعورًا عاطفيًا. إنه القدرة على البقاء أمينًا حتى حين تغيب الحماسة الأولى، وعلى الإخلاص رغم تبدّل المواقف. الوفيّ لا يُعلن وفاءه، لكنه يترك أثره في حياة من حوله بصمت. فالوفاء لا يُقال، بل يُمارس.

الحب بلا وفاء بيتٌ بلا أساس، لا يصمد أمام أول عاصفة. لذلك، قبل أن نتحدث عن الحب، علينا أن نتعلم الوفاء، لأنه الحقيقة التي تمنح الحب معناه، وتمنع القلوب من الانكسار.

في النهاية، قد يختلف الناس في تعريف الحب، لكنهم يتفقون على أن الوفاء هو البرهان الوحيد على صدقه. فالحب كلمات جميلة، أما الوفاء فهو الدليل الذي لا يكذب.