د. نصر حربي يكتب: مصر الحضارة واهبة الحياة

في مشهد رائع ومهيب يدل على حسن التنظيم والعرض والنقل، انطلق في يوم السبت 3 إبريل الماضي موكب نقل المومياوات (22 ملكاً وملكة مصرية فرعونية)، وذلك من المتحف المصري الكبير بوسط القاهرة إلى متحف الحضارة بمنطقة الفسطاط، وقد نُقل هذا الحدث الأبرز عدد هائل من القنوات العالمية (حوالى 200 وكالة إخبارية، وحوالى 400 محطة فضائية محلية وعربية وعالمية).

وقد ضم موكب المومياوات الملكية عدداً من المومياوات ترجع إلى عصور الأسرة: السابعة عشر، والثامنة عشر، والتاسعة عشر، والعشرين من بينهما 18 مومياء لملوك، 4 مومياوات لملكات، وكان في استقبال موكب المومياوات المهيب السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي مما زاد الحدث جلال ومهابة وعظمة وأهمية، فزعيم وقائد مصر الجديدة وباني جمهوريتها الثانية في استقبال ملوك مصر القدماء الذين بنوا أعظم حضارات التاريخ، وقد عبرَ السيد الرئيس عن هذا الحدث بقوله أن هذا المشهد المهيب دليل على عظمة الشعب المصري الحارس على هذه الحضارة الفريدة الممتدة في أعماق التاريخ.

وهذا الحدث المهيب والأبرز يحمل رسالات ذات قيمة وجدوى إقتصادية وسياسية كبيرة:-

أولاً: إن هذا الحفل الرائع أعطى رسالة إلى العالم أجمع أن مصر الأن دول مستقرة آمنة وذات اقتصاد واعد، وهو ما يعطى إنطباعاً رائعاً لرجال المال والأقتصاد في العالم أجمع، بعد أن أثبتت مصر بما لا يدع مجالاً للشك أنها دولة عظيمة قادرة على الوقوف على قدميها رغم كل التحديات والصعاب والأحداث التي واجهتها خلال السنوات الماضية.
ثانياً: إن هذا الحفل العظيم وبهذا المستوى الرائع والتنظيم الخلاب به عائد كبير على السياحة المصرية، وذلك لأن هذا الحفل قد تناقلته أغلب القنوات العالمية (حوالى 200 وكالة إخبارية وحوالى 400 محطة فضائية محلية وعربية وعالمية) وهو ما يُمثل أفضل دعاية سياحية لمصر على مستوى دول العالم وذلك بدلاً من صرف الملايين على شركات الدعاية للسياحة المصرية.

فهذا المشهد الرائع سيظل عالقاً في أذهان ملايين الناس في مختلف دول العالم، وهو ما يُمثل الأمل الكبير في ازدهار السياحة المصرية، فكل من شاهد هذه الاحتفالية سيكون لديه الرغبة في المجيء إلى مصر لمشاهدة هذه الآثار المهرة على أرض الواقع.

كما أن هذا المشهد سيضع مناطق سياحية جديدة على الخريطة السياحية المصرية مثل: مدينة الفسطاط والتي تضُم العديد من الأماكن الأثرية مثل: الكنيسة المعلقة، وحصن نابليون أحد النقاط الهامة لمسار العائلة المقدسة، دير بنى عيزرا ، ومسجد عمرو بن العاص أول مسجد في مصر وأفريقيا.

ثالثاً وأخيراً: إن هذا الحدث الأبرز له أهمية سياسية كبيرة خاصة في ظل وجود مشاكل مفاوضات سد النهضة وتعنت الجانب الأثيوبي وإنكاره لحقوق مصر التاريخية على نهر النيل، فهذا الحدث يُذكر ويؤكد بقدم الدولة المصرية وحقوقها التاريخية في النيل.
والجدير بالذكر أن مبدأ الحقوق التاريخية من المبادئ المستقرة في القانون الدولي، فقد أكدت عليه المادة الخامسة من قواعد قانون هلسنكي لاستخدامات مياه الأنهار الدولية في غير أغراض الملاحة النهرية عام 1966، وكذلك أكدت عليه المادة السادسة من اتفاقية الأمم المتحدة عام 1997 الخاصة بقانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية، وأيضاً أكدت عليه المادة الثالثة عشر من قواعد برلين للموارد المائية عام 2004.
وحفظ الله مصر

د. نصر حربي